هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سيرة فاطمة الزهراء روحي فداها

اذهب الى الأسفل

سيرة فاطمة الزهراء روحي فداها Empty سيرة فاطمة الزهراء روحي فداها

مُساهمة من طرف محمدالما الخميس يوليو 23, 2009 7:51 am

بسم الله الرحمن الرحيم


--------------------------------------------------------------------------------

( 5 )

مقدمة المركز
الحمد لله رب العالمين.. وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين..
وبعد..
إنّ دراسة سيرة أهل البيت عليهم السلام تُعدُّ إحدى اللبنات الأساسية لسلّم البناء العقائدي والفكري والسياسي والاجتماعي الذي ارتضاه الاسلام منهجاً لتقويم العقيدة وتنظيم السلوك والسير باتجاه حركة التكامل الانساني المطلوب على صعيد الفرد والمجتمع. ذلك أنّ ما خُصّوا به من فضل عظيم وما أحرزوه من مكانة متميزة في تاريخ الإسلام ، يدفعنا نحو استجلاء معالم تلك السيرة ، والتعاطي مع دلالتها المتواصلة مع مسيرة الحياة بما تحمله من متطلبات ومستجدات ، لاَنّها تحدد الرؤية الأسلم والصيغة الأكمل لفهم الإسلام وتجسيده بأصوله وأركانه وفروعه وعلى كافة المستويات. والزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين ، وبضعة المصطفى الأمين صلى الله عليه وآله وسيدة أهل البيت المعصومين عليهم السلام تمثّل النموذج الأكمل والمثل الأعلى الذي أرادته الرسالة الإلهية للمرأة المسلمة سلوكاً ومنهجاً ، سواء على صعيد حياتها الشخصية بما تحمله من أسرار العظمة المتجسِّدة في روحانيتها وعفَّتها وعبادتها وزهدها وعلمها ، أو على صعيد حركتها في واقع الحياة ، وما تشتمل عليه من جهاد مرير ، وصبر مستمدٍّ من قوة الإيمان وشدَّة الإخلاص ، ومواقف صلبة في الحفاظ على المفهوم الأصيل لقيادة الأمّة بعد الرسول صلى الله عليه وآله .
إنّ موقف الزهراء عليها السلام بعد وفاة أبيها المصطفى صلى الله عليه وآله يشتمل على دلالات وأبعادٍ سياسية خطيرة حرية بالبحث والدراسة ، لاَنّها تستوعب قسماً مهماً من الأحداث والملابسات السياسية والاجتماعية التي تفاعلت في داخل الساحة الاسلامية في أخطر مراحل المسيرة التاريخية للاَمّة ، والتي شكَّلت


--------------------------------------------------------------------------------

( 6 )

المخاض العسير الذي أنجب أخطر المعطيات السياسية والاجتماعية بعد رحيل الرسول صلى الله عليه وآله إلى رحمة ربِّه ورضوانه.
كان الدور الذي اضطلعت به الزهراء عليها السلام بعد وفاة أبيها صلى الله عليه وآله يتمثل في الحفاظ على الصيغة الاسلامية الأصيلة على مستوى العقيدة والسياسة والتشريع ، ويمثل حجر الزاوية في تأصيل خط الإمامة بكل ما يحمله من مفاهيم وأفكار وأهداف وتوجّهات وخصائص ومميزات ، ويعكس الموقف السليم من التغيرات الطارئة المستجدة في حياة الأمّة على صعيد العقيدة وفهم الكتاب وإقامة السُنّة.
ومن هنا فإنّ دراسة حياة الزهراء عليها السلام تعني دراسة حياة امرأة كل سيرتها للهداية والصلاح والرشاد ، لاَنّها سيدة النساء ، العالمة المعصومة المتفانية في سبيل الله ، والقدوة الصالحة لنساء الأمّة ، والمثل الأعلى لكلِّ قيم العزِّ والعظمة والشرف والطهارة ، رغم المعاناة وقسوة ظروف الزمان وشدَّتها ، فلابد إذن من استلهام الدروس واستجلاء العبر من سيرة الزهراء عليها السلام لتسهم في إعداد المرأة وتربيتها ومعرفة حقوقها وواجباتها وبناء كيانها ورقيها ، ودفعها باتجاه تربية جيل تتمثل به القيم الأخلاقية ومبادئ العقيدة الحقَّة.
وإصدارنا هذا تكفَّل بتغطية مفردات تلك السيرة العطرة منذ الولادة في بيت النبي صلى الله عليه وآله حتى الوفاة في بيت الوصي عليه السلام بشكل وافٍ وأسلوبٍ علمي واضح موثَّقٍ بالمصادر المعتبرة ، ندعو الله العزيز أن ينفع به الاخوة المؤمنين ، ومنه تعالى نستمد العون والسداد ، وهو الهادي الى سبيل الرشاد.
مركز الرسالة


--------------------------------------------------------------------------------

( 7 )


المقدِّمة
الحمدُ لله ربِّ العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على الحبيب المصطفى الأمين وآله الهداة الميامين سيّما قرة عين النبي ، وبهجة قلب الوصي ، ثمرة النبوة ، ووعاء الإمامة ، أُمّ الحسنين ، وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام هالة النور والجلال وسليلة العزّ والعظمة والشرف الذي لا تنازع فيه.
وبعد :
فالزهراء... المثل الأعلى الذي قدّمته الرسالة الإلهية للمرأة ، فقد صاغتها يد العناية الربانية أيّة صياغة لتكون قدوةً للحياة الكريمة ، واُسوةً للفضائل والقيم الإنسانية ، فهي نسخة ناطقة بتعاليم الوحي الالهي ، صدّيقة لا تفعل غير الحق ، ولا تتبع سوى الهدى.
فحريٌّ بنا أن ندرس سيرة الزهراء البتول عليها السلام ، ونسلط الضوء على مراحل حياتها ، كي نجعل نصب أعيننا المثل الإسلامية العليا التي تجسدت في الزهراء ، فكراً ونهجاً وسلوكاً.
فزواج الزهراء عليها السلام مثلاً بما فيه من تواضع المهر ، وبساطة المراسيم ، وسمو الخلق والمثل ومبادىء الدين على مظاهر البذخ والترف ، وما يتبعه من حسن التبعّل وطيب المعاشرة مع ابن عمها الوصيّ المرتضى أمير المؤمنين عليه السلام وتربيتها سبطي النبي الأكرم وإمامي الرحمة الحسن والحسين عليهما السلام ، كلّ ذلك يعكس لنا أبعاد الرسالة الإسلامية السمحة التي رسمها الإسلام للزواج الذي ارتضاه خالق الوجود ، ويرسم لنا صورة عن


--------------------------------------------------------------------------------

( 8 )

حقوق المرأة وواجباتها ومدى فاعليتها في الاسهام ببناء المجتمع وتطويره.
أما مواقف الحوراء عليها السلام بعد وفاة أبيها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، فعلى الرغم مما تثيره فينا وفي وجدان كلّ مسلم حرّ من أشجان ولوعة ، لما فيها من أحداث تزلزل الجبال وتهدّ الصمّ الصلاب ، فإننا نلمس من خلالها الشجاعة والثبات ورباطة الجأش وقوة النفس التي تحلّت بها ابنة النبوة الزهراء الطاهرة عليها السلام في الدفاع عن مبادىء الإسلام ومثله وإثبات العقيدة الحقّة ، حينما لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدخلت على أُمّةٍ انقلبت على أعقابها ، ورسولها لمّا يجف تراب رمسه ، فاغتصبت بالأمس مجداً سجّلته السماء لاَهل بيت النبوة ، واهتضمت اليوم نحلتها في فدك ، ولم ترعَ وصية أبيها صلى الله عليه وآله وسلم فيها : « فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما يؤذيها » وكأنها ما سمعته صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول : « إنّ الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها »!
فاتخذت الزهراء عليها السلام من الكلمة سيفاً ومن الحجة سناناً ، لتلقي الحجة وتنبه على الفتنة وتعرّي أساس السلطة ، وتقوّض أركانها بخطابها الذي كان آيةً في البلاغة وغايةً في الفصاحة ، لتقول : « أيُّها الناس ، اعلموا أني فاطمة ، وأبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فلمّا اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ، ظهر فيكم حسيكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الأقلين... فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل ، والرسول لمّا يقبر ، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة ( ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنم لمحيطة بالكافرين ).. ألا وقد قلت ما قلت على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم ، والغدرة التي استشعرتها


--------------------------------------------------------------------------------

( 9 )

قلوبكم ، ولكنها فيضة النفس ، ونفثة الغيظ ، وخور القنا ، وبثّة الصدر ، وتقدمة الحجة.. ».
وفي موقف الزهراء عليها السلام من أحداث السقيفة ومما جرى عليها من الظلم والعدوان ، نستلهم دروساً من العظمة والإباء في التصدي للانحراف والطغيان والدفاع عن مبادىء الحقّ وإقامة السُنّة وإماتة البدعة.
وهكذا عندما نقف على الجوانب الاُخر من حياة الزهراء عليها السلام فإنّما نقف على أوسع مدى لمثل الإسلام وكل صفات الفضيلة والكمال وقيم الشرف والجلال وسبل الهداية والصلاح والرشاد.
يقول الاستاذ العقاد : في كلِّ دين صورة للانوثة الكاملة المقدسة ، يتخشع بتقديسها المؤمنون ، كأنما هي آية الله فيما خلق من ذكرٍ وأنثى ، فإذا تقدست في المسيحية صورة مريم العذراء ، ففي الإسلام لا جَرَم تتقدّس صورة فاطمة البتول (1) .
ولا ريب أنّ الزهراء عليها السلام صورة للانوثة الكاملة لبنات حواء ، لاَنّها سيدة نساء العالمين بنصّ أبيها الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، فما أحوجنا ونحن نعيش في عالمٍ يغرق بالمادة وتتساقط فيه المثل والقيم العليا أن تتعرف نساؤنا المسلمات على القدوة المثلى والاُسوة الحسنة للنساء في الإسلام ، وأن يقتدين بسيرتها ، ويستلهمن منها دروس الحياة لتربية الأجيال وتوجيهها لما فيه الصلاح والهداية ، مما سينير مستقبل البشرية ، ويسهم في بناء انسانٍ تحيا فيه المثل الاخلاقية والعقيدة الحقّة.
وقد التفت المحدثون والمؤرخون والباحثون ومنذ القدم إلى أسرار العظمة في حياة الزهراء عليها السلام فأفردوا لها مصنفات خاصّة كابن شاهين والبغوي والحاكم النيسابوري والطبري والمناوي والسيوطي وابن دينار
____________
1) أهل البيت عليهم السلام | توفيق أبو علم : 128 مطبعة السعادة ـ مصر.
--------------------------------------------------------------------------------

( 10 )

والجلودي وأبي مخنف وابن عقدة وغيرهم ، ناهيك عن مصنفات المتأخرين التي تجاوزت المئتين وناهيك عن التراجم التي جاءت في كتب السير والتواريخ والحديث.
وحاولنا في هذا البحث الموجز أن نقدّم إلمامةً عن بعض جوانب حياة سيدة النساء ، آملين أن تسهم في الكشف عن أسرار عظمتها والتعرّف على فضائلها ومكارم أخلاقها.


ومن الله التوفيق

محمدالما
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى